ارتفاع أسعار الطريق للآخرة

الموت عند كل البشر هو الطريق إلى الحياة الأبدية الخالصة لوجه الله وترك الحياة الدنيا بما فيها من مباهج ظاهرة وفشخرة.

ولكن يبدو أن الروح الاستهلاكية وروح الفشخرة لدى المصريين قد تجاوزت حدود الدنيا إلى الآخرة.. وانقسم الموتى المصريون إلى فئات طبقية حسب تكلفة تكفينهم وقبورهم ومعازيهم التى تحولت إلى حفلات زفاف للسماء.

ارتفعت أسعار المقابر وتباينت طبقاً لمظاهر البهرجة والفشخرة فى المقبرة.. وأصبحت التجارة فيها مؤسسة يعمل بها آلاف السماسرة والشركات حيث تبدأ أسعارها ما بين 17 ألف جنيه و25 ألف جنيه وتصل إلى 100 ألف جنيه.

غريب عبد التواب "تربى السيدة زينب" قال "السيدة من المناطق القديمة والتى امتلأت بالمقابر ولا يوجد بها مكان إلا للناس التمام اللى هتدفع، وسعر المقبرة الـ160×200 سنتيمتر ما بين الـ17ألف إلى 20 ألف جنيه أما المقبرة 2 متر×2 متر فأسعارها تبدأ من 25 ألف جنيه إلى 30 ألف حسب المكان النظيف والخدمة.

المعلمة أم فتحى أوالأبله أمال "تربية فى الإمام الشافعى والسيدة نفيسة"، قالت: "هذه المنطقة تعتبر أثريه وعشان تشترى مقبرة أو حوش صعب شويه لكن إحنا ممكن نشوفلك ولكن الأسعار هتكون غالية فالمتر فى بعض المقابر وصل إلى 100000 جنيه فى مقابر الرفاعى المدفون فيها الملك فاروق، أما فى المدن الجديدة مثل 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة فسعر المدفن هناك يبدأ من 45 ألف جنيه و60 ألف جنيه وهذه طبعا مقابر الباشاوات وأصحاب الملايين أما الغلابة فهم يضطرون إلى دفن موتاهم فى مقابر الصدقة بسبب عجزهم عن توفير حتى الكفن وليست المقبرة".
وأشارت أم فتحى إلى أن التربة بعين واحدة سعرها يبدأ من 25 ألف جنيه، أما التربة التى باثنين عين يبدأ سعرها من 35 ألف جنيه.

أما الحاج فتحى الذى يجلس على إحدى المقاهى فى السيدة عائشة لا يملك أى مهنه سوى السمسرة فى المقابر والأحواش، ولديه خريطة المقابر فى القاهرة والجيزة وأكتوبر وأيضا لديه الكارت الخاص به من خلاله يتعامل معك.

ويرى عم فتحى أن أسعار المقابر يختلف من مكان إلى آخر حسب المنطقة فإذا أردت تربة فى السيدة أو الإمام الشافعى فالأسعار تختلف عما إذا أردت شراء تربة فى مقابر 15 مايو أو 6 أكتوبر ففى السيدة أسعار الحوش "الصغير" الذى يحتوى على مقبرتين سعره يبدأ من 85 ألف جنيه أما فى مدافن 15 مايو و6 أكتوبر فيبدأ من 100ألف وأنت طالع وفيه كمان بالدولار لأن فيه ناس بتطلب بالدولار، أما إذا أردت حوشا كبيرا يأخذ أكثر من تربه فستكون الأسعار أكثر غلاء حيث تبدأ أسعارها من 130ألفا إلى 160ألف جنيه وكذلك فى المناطق الراقية أو الحديثة.

عم أنور جزر "تاجر أقمشة" فيقول أسعار الأكفان تتراوح مابين الـ500 جنيه والـ800جنيه حسب نوع القماش وقد تصل فى بعض الأحيان إلى 10 آلاف جنيه كما تريده بعض الأسر الكبير التى تريد إكرام ميتها بالطريقة التى تليق به حسب وجهة نظرهم، وبالنسبة للغلابة على حد قوله فإنهم يشترون الكفن بالتقسيط حيث يظل الواحد منهم يدفع مبلغا كل شهر يضمن وجود كفن له بعد الموت فربما لا يستطيع أهله تدبير الكفن الذى سيدفن به.

أسعار الفراشة والتى يرى المعلم أحمد الصغير "صاحب محل فراشة" أنها تتحدد حسب طلب الزبون، فهناك من يطلب فراشة عادية وكراسى خشب، وبالتالى فإن تكلفة السرادق الذى يسع 100 كرسى يتراوح سعره بين 2500،2000 جنيه فى الليلة، إلا أن هناك زبائن أخرى تطلب تشكيلات معينة من الكراسى الجلد بأحجام وأشكال مميزة بالإضافة إلى استبدال لمبات الكهرباء بأطباق أو نجف وهنا تكون التكلفة لا تقل عن 10 آلاف جنيه.

تصوير الجنائز، وسرادقات العزاء بكاميرات الفيديو موضة جديدة وهو ما دفع بعض أصحاب محلات الفيديو إلى نشر إعلانات بالصحف تعلن استعدادها التام لتصوير الجنازات وسرادقات العزاء فى أى وقت وفى أى مكان.

أحمد المهدى "صاحب محل فيديو" يقول "تصوير مراسم العزاء فى السرادقات أصبح أمرا شائعا خلال السنوات الأخيرة" فهى- حسب وجهة نظره- مثل تصوير الحفلات والأفراح، مجرد تسجيل اللحظة سواء كانت سعيدة أم حزينة.

وأشار إلى أن تكاليف تصوير سرادقات العزاء ارتفع عن تصوير الحفلات وأعياد الميلاد، حيث يتم الاستعانة بأربع كاميرات تصوير على الأقل توضع واحدة منها فى مدخل السرادق وتركز بشكل دائم على أفراد أسرة المتوفى وهم يتقبلون واجب العزاء بينما تظل الكاميرات الثلاث الأخرى داخل السرادق، حيث يقوم كل مصور بالتركيز على قطاع معين وذلك بالتنسيق مع بقية المصورين لتغطية السرادق بالكامل.

ويوضح أن التكلفة الفعلية للتصوير داخل سرادقات العزاء تقدر بنحو 13ألف جنيه فما فوقها، فالعزاء غالبا ما يبدأ بعد صلاة المغرب وحتى العاشرة أو الحادية عشرة مساء وبذلك تستغرق خمس ساعات تقريبا يتم خلالها تصوير ما لا يقل عن عشرة شرائط فيديو فى الليلة الواحدة.

تكلفة العزاء فى مساجد مصطفى محمود والحامدية الشاذلية بالمهندسين، وقاعة "آل رشدان" فى مدينة نصر، تتخطى تكلفة إقامة ليلة العزاء الواحدة فيها حاجز الـ50 ألف جنيه..!!

الحاج جمعة المهداوى، متعهد حفلات دينية، يقول "المقرءون فى الأحياء الشعبية يتقاضون من 5000 ألف جنيه فيما أكثر فى المأتم الواحد، أما تسعيره القراء المعتمدون بالإذاعة والتليفزيون يتراوح أجر الواحد منهم فى الليلة ما بين 15 ألف جنيه و20 ألف جنيه أمثال أحمد نعينع ومحمود الطبلاوى وحلمى الجمل والشحات محمد أنور وراغب مصطفى غلوش وحجاج الهنداوى ومحمد السيد ضيف وعبد الفتاح الطاروطى".
ويرى الحاج جمعة أن أغلب هؤلاء المقرئين يحصلون على أجورهم مقدماً قبل الحضور إلى السرادق فضلاً عن أنهم يشترطون ساعة الحضور للسرادق ومدة القراءة ومنهم من لا يقرأ إلا ربعاً واحداً فقط هو ربع الختام.

بعض شركات التأمين أطلقت وثائق جديدة لتغطية نفقات الجنائز والتى تطلق إعلاناتها "لأول مرة فى مصر وثيقة الوفاء لتغطيه مصروفات الجنازة".

علاء الزهيرى العضو المنتدب لإحدى شركات التأمين يقول: "هناك وثائق نفقات الجنائز التى تطرحها الشركة لتغطيه تكاليف الجنائز وتكون أسعارها فى متناول الجميع حيث يتم القيام بتغطيه أمور الجنازة من قبل الشركة".

وعن الأسعار يشير الزهيرى إلى أنها تتراوح ما بين مصاريف الدفن والتى تبدأ من 2000 جنيه حيث يتم تحمل كل مصاريف الدفن عن أهل المتوفى وتكاليف الجنازة التى تبدأ أيضا من 5000 جنيه والتى يتم تحمل مصاريف أقامه السرادقات والاضاءه وغيرها، وتكاليف المشروبات والزهور داخل القاعة تبدأ من 1000جنيه وتكاليف استخراج شهادة الوفاة تبدأ أيضا من 500 جنيه أما عن تكاليف إعلان الوفاة بالصحف فتبدأ من 1500جنيه.

ويوضح الزهيرى أن هناك خصومات توضع لبعض الأشخاص وتكون 75جنيها حتى سن 55 سنة و100جنيه حتى سن 60 سنة، وهناك أيضا بعض الخصومات للأشخاص الذين يشتركون لمدة سنة أو سنتين.